
(سبيل المؤمنين)
(أل) الداخلة على الجمع مثل (أل) الداخلة على المفرد ، في العهد والحقيقة ، والاستغراق ، وفي كونها موصولة إلا في فروق يسيرة ، وبين النحاة نزاع عريض في بعض أنواعها ، فمنها ما لا يراد به العموم ولا الحقيقة ولا فرد بعينه ، بل يراد به فرد واحد غير معين ،كقوله سبحانه:

[ يوسف: 13 ]..
و(أل) في قوله تعالى :

[ النساء: 115 ] .
يصح أن تكون موصولة ، أو معرِّفة عهدية جنسية ، أو استغراقية ؛ لأن سبيلهم واحد ، وأيَّا ما كانت فلا ثمرة للخلاف فيها فيما أرى ؛ لأن الله جل وعلا لم يقل (ويتبع غير المؤمنين)
بل قال :

، وسبيل المؤمنين هو الإسلام ،وهو الصراط المستقيم ، وهو الهدى الذي قال الله فيه

[طه: 123 ]
فيصير معناه : ويتبع غير الإسلام ، أو : ويتبع غير الهدى ، وأضيف إلى المؤمنين ؛ لأنه طريقهم ، ويشمل كل مؤمن ، سواءٌ كان من الصحابة أو من بعدهم ، ومن أخطأ منهم لم يخرج عن مسمّى الإيمان ولكنه ضل السَّبيل ، وغيره مأمور باتباع السبيل واتباع من سار عليه ، إذ من شأن السائر عليه أن لا يضل ، ومن ثم كان الاستدلال بهذه الآية على الإجماع ضعيفا لدى كثير من المحققين ، ولكنهم لم يذكروا – فيما أعلم – هذا القادح ، وذكروا شيئا آخر في الآية ، وهو اقتران اتباع غير سبيل المؤمنين بمشاققة الله ورسوله ، فالوعيد في الأصل هو على من نازع الله ورسوله ، واتباع سبيل المجرمين من المشاققة ، وعطف عليه كما يعطف البعض على الكل ، والخاص على العام ، كقوله تعالى : ( ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا)[ التغابن: 9 ]، والعمل الصالح إيمان تطبيقي ، وشرح ذلك هو يطول .. ولنعد إلى (أل) في " المؤمنين" فنقول : القرآن حمّال أوجه ، والاحتمالات كلها مقبولة تبعا لصحة المعنى ، إذ يمكن أن يكون المراد كلَّ المؤمنين ، أو حقيقتهم ،
أو المعهودين حضورا ، أو علما ، فتكون للاستغراق ، أو للجنس ، أو للعهد الحضوري ، أو الذهني ، ولا أثر لذلك كما تقدم ، والذي منع الأثر كونه مضافا إليه ومعمول الاتباع هو المضاف ، وليس فيه مفهوم مخالفة إذا لم نقل بالاستغراق ؛ لأن السبيل واحد ، وسبيل أبي بكر هو سبيل عمر وصالح المؤمنين ..
وفي معاني (أل) وأقسامها يقول أحد نحاة شنقيط ، واسمه : عبدالودود:
عرِّفْ بـ(ال) أو(لامه) وصل وزد ***** واقسمْ على عشرين قِسمًا تَستَفِدْ
عرِّفْ بسِــتٍّ نصفُـهـــا للعــهد ***** ونِصفُهـــــا جنسيّةٌ في العــــدِّ
وصــل بأربــعٍ مع اسمِ فاعـــلِ ***** وصنــوه والوصف والممـــاثل
و زِدْ بعشــــرٍ التزم بأربعــــــه ***** وغيـــــرُ لازمٍ يُرى ستًّا مَعَـــهْ
ومعنى الأبيات الأربعة إجمالا : اجعل (ال) أو اللام فقط للتعريف ، وموصولة ، وزائدة ، وجملة ذلك عشرون قسما ، منها ستة أقسام تكون فيها للتعريف ، ثلاثة منها للعهد بأنواعه ، وثلاثة للجنس بأنواعه . وتكون موصولة في أربعة أسماء ؛ اسم الفاعل واسم المفعول والوصفُ المُشْبهُ اسمَ الفاعل ، و أظنه أراد بـ(المماثل) الفعل المضارع ، وفيه وفي الصفة المشبهة خلاف معروف ، وتكون زائدة زيادة لازمة في أربعة أقسام ، وزائدة غير لازمة في ستة . نسأل الله أن يزيدنا علما.