سلسلة (عالم ورأي)
تهدف هذه السلسلة إلى استجلاء رأي عالم من علمائنا حول قضية من القضايا، أو عقبة من العقبات التي تواجه أبناء العربية، أو طرح رؤية لاستنهاض الهمم وتحفيز العزائم. فإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر.
الحلقة السابعة عشرة - الدكتور أحمد صدقي الدجاني – عضو مجمع اللغة العربية المراسل – رحمه الله – من فلسطين – ورأيه في التعريب:
إن معالجة قضية التعريب تتضمن أيضًا، بعد الوفاء بمتطلبات تغيير النفس، المبادرة للتفاعل مع الآخر بثقة بالقدرة على هذا التفاعل الحضاري على أساس من النِّدِّية وبرغبة في الانفتاح على هذا الآخر، وتبادل العطاء الحضاري، له ولأخذ الحضاري منه، انطلاقًا من معرفة جوانب قوته وضعفه، ومن الإدراك بأن عصر عولمة الكوكبة يفتح آفاقًا رحبة للتفاعل على مختلف الصُّعد، ومن وعي المرحلة التي تعيشها اليوم حضارة الغرب بخاصة. ويضع هذا التفاعل مع الآخر نُصب العين تعاون حضارات عالمنا على أساس من النِّدِّية وفي جو من السلم والرضا لبناء عمران حضاري إنساني يحمي أمن الأرض من خطر طغيان قوى الهيمنة عليها وإفساد بيئة الحياة فيها، ويحمي بني الإنسان من خطر هذا الطغيان عليهم، ويحمي الإنسان من معاناة الغربة في داخلة.
نعم... إن قضية التعريب لها جميع هذه الأبعاد حين نقاربها في ضوء سنن تفاعل الحضارات. ولا بديل لنا عن كسبها والانتصار فيها، ليستمر التعمير ويزدهر العمران. وإن للقدوة فيها والأسوة الحسنة دورًا خاصًّا يقوم به أعلام الأمة شخوص حضارتها وفقًا لإحدى سنن التفاعل الحضاري.
المصدر: مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة – الجزء 84 ص 230.
إعداد: مصطفى يوسف