• جهود مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية ثرية وغنية. بوصفكم عضوًا في هذا المجمع. ما حجم الإنجازات التي استطاع المجمع تحقيقها؟ وما الذي يمكن أن يحققه خلال السنوات القادمة؟
ج/ لقد فترت همم المجامع اللغوية الأرضية، وخضعت لسطوة اليأس والاكتئاب والإهمال، وهي مثل كثير غيرها من مؤسساتنا العلمية والتعليمية التي ينبغي الاستبدال بها شيئًا فشيئًا، لتتسلم الراية منها مؤسسات أخرى أحدث وأقدر وأكفى، مثل مجمعنا هذا الفضائي. لقد جدَّت أحوال لغوية رقمية، لها طبائعها ومشكلاتها الرقمية التي لم تعد تجاريها المجامع الأرضية؛ فمن ذلك طاقة الاستيعاب الهائلة المتنوعة، وتِقَانات الحفظ والبحث والإتاحة، ومعايشة التجارب المتجددة، وملاحقة التطور العام، وترويج الإعلان عن الأعمال، وحسن سياسة المتلقين، وتوجيههم، وإشراكهم.
لقد استخفَّ بمجمعنا بعضُ من دعوناهم إليه، ظانًّا أنه لن يكون غير منتدى كغيره من المنتديات التي تملأ أرجاء الشبكة خاصة وعامة، حتى إذا ما وجد مقره المكي وروافده المادية والمعنوية وأنشطته المتنوعة وإصداراته النفيسة ومشاركاته الدولية وخدمته الحقيقية، لم يملك غير الشكر والتقدير والتسليم، ولكن هيهات، "الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللَّبَنَ"! وإنني لأرنو إلى مستقبل مجمعي مكي شبكي باهر، تأتلف فيه عقول اللغويين والأدباء العرب والمستعربين جميعًا، على جهود كبيرة كثيرة متصلة، يأخذ بعضها برقاب بعض إلى ذروة الإتقان والإبداع.
• شاركتم في العديد من المؤتمرات العلمية حول اللغة العربية والنحو ونحو النص وسيبويه والخليل. برأيكم هل تسفر هذه المؤتمرات بما تطرحه من رؤى وأفكار عن نتائج ملموسة على أرض الواقع؟
ج/ لم يعد الناس يَجنون من هذه المؤتمرات شيئًا، إلا أن يتعارف المشاركون ويتآلفوا ويتواصلوا، وربما اجتمعوا على بعض الأعمال، وهذا منتهى ما يجديه المؤتمر، ثم يمر مثلما مر كثير غيره قبله، وكأن لم يكن! وكان ينبغي أن تتاح للناس جميعًا، أعمال المؤتمرات في أثنائها ثم بعقبها، بكل وسيلة ممكنة، ثم يتفرغ المؤتمريّون لتحويل توصيات مؤتمراتهم إلى برامج عمل فعالة، ليتعاون على إنجازها المعنيون بها كلهم جميعا. ولعل مجمعنا المكي الشبكي، أن يكون سعى في سبيل ذلك، بما جَمَع فنَشَر من تلك التوصيات.
•كيف نستطيع بناء جيل من النشء يتقن لغته العربية ويعتز بالانتماء إليها؟
ج/ في أحد اجتماعاتنا معشر اللغويين، اشتغلنا بقضية "تنمية حضور اللغة العربية المجتمعي"، واتفقنا على إعداد حملة إعلامية متكاملة الأطراف (التلفاز، والمذياع، والصحيفة)، ذات برامج دورية محددة -مدة البرنامج الواحد منها أسبوع يتكرر كل ثلاثة أشهر-يراد بها ترسيخ الإيمان بالهوية اللغوية العربية (دواعيها، وعواديها، وآفاقها، ونتائجها)، نتقدم بها إلى معالي وزير الإعلام، ليصدر قرارًا يلزم الأطراف الإعلامية الثلاثة، بالتوجه الواضح، وينبهها على المتابعة والمراقبة.
إن المقصود من تحديد هذا التصور: 1-سد باب التكاسل. 2-وفتح باب العمل. 3-والإقناع بالقدرة على الإنجاز؛ ومن ثم أعرضنا عن المشاغل والندوات والمؤتمرات، إلى تصوير حملة متشعبة مستمرة من الحوارات المتلفزة المذاعة الصحفية في وقت معًا، لا يتأخر أساتذة قسم اللغة العربية عن المشاركة فيها.
وهذه إشارة إلى أهم ما ينبغي لتلك الحملة أن تدور عليه: 1-تداخل الوجود العربي والتفكير والتعبير باللغة العربية الفصحى: المولد، والمنشأ، والملهى، والمسعى، والمطمح....2-تداخل التدين بالإسلام والتفكير والتعبير باللغة العربية الفصحى: الإسلام، والإيمان، والإحسان....3-تواصل الماضي والحاضر والمستقبل والمشرق والمغرب والشمال والجنوب، في التفكير والتعبير باللغة العربية الفصحى: الاستماع، والتحدث، والقراءة، والكتابة....4-تكامل اللغة العربية الفصحى واللهجات العربية، على رغم الاستقلال: الخلود، والعموم، والفاعلية، والخصوصية.... ولا غنى بتلك الأفكار عن قبول متلقيها لها ولا عن إضافته إليها.
•وأخيرًا هل تود سيادتكم إضافة شيء لم يتطرق الحوار إليه؟
ج/ أود أن نتواصى بالحق، وأن نتواصى بالصبر: أن نتواصى بأن ليس الإتقان أن نعمل ما يعجب الناس، بل أن نعمل كل ما يمكننا عمله، وأن نتواصى بأن نتجنب صغار الأخطاء مثلما نتجنب كبارها؛ فإن التفريط في الصغير أول التفريط في الكبير. جعلنا الله وإياكم عند حسن الظن بنا، هداة مهتدين، لا ضالين ولا مضلين، ولا ظالمين ولا مظلومين، آمين آمين آمين!
مصطفى يوسف: مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية