أَيشْ هذا ؟!
هذا من العامّي الفصيح الذي تكلم به عامة العرب . . وأصل (أيش) : أيُّ شيء ؟ ، كما قالوا في (بسم الله) : بسملة ،و (الحمد لله) : حَمْدلة .
وكقولهم : طلبقك الله ؛ أي: أطال الله بقاءك .
قال السيوطي في المزهر : (قول العرب : أيش صنعت؟ يريدون : أي شيء؟ و: لا بشانيك ؛ يعنون : لا أب لشانيك ، و: لا تُبَل؛ أي: لا تُبَال) .
وقال ابن حجر في فتح الباري : (وعند أبي داود -في سؤال الصحابة عن الهرج- قالوا: يا رسول الله إيش هو ؟ قال : (القتل القتل) ، ولم أجده في أبي داود ، ولا في سائر مصنفات الحديث . والذي عثرت عليه فيه وفي غيره : أيُّمَ هو ؟ وأيُّما هو؟ وأيةُ هو ؟ فلعل بحثي قاصرٌ ؛ لوجوده في نسخ أخرى في رواية أخرى . . ورواية الصحيحين: (وما الهرج؟) . .
ولم يُصِب محقق شرح الرضي على كافية ابن الحاجب حين قال : إنها مستحدثة ، فقد نقلها علماء اللغة عن العرب ، وباب النحت يقبل دخولها منه ؛ فإن كان الفصحاء قد تركوها ، ولم ترد في شعر الشعراء ؛ فلا يمنع ذلك من عربيتها ؛ لأن في كلام الناس ماهو خاصٌّ، ومنه ماهو عامٌّ.
ولهم كلامٌ في بيوتهم ، وفي بيعهم، وشرائهم، وخصامهم، وحُبهم، وغزلهم، وغير ذلك ؛ يتكلمون به في مقاماتهم تلك ، ولا يتكلمون به في المقامات وفي المجامع التي تطلُب الفصاحة والبيان الرفيع
وقد تبتذل الكلمة الفصيحة فتنحط عن مرتبتها إلى مرتبة العامّي .
ومن عيون كلام ابن درستويه قوله : (ليس كل ما ترك الفصحاء استعماله بخطأ ؛ فقد يتركونه لاستغنائهم بفصيح غيره ، أو لعلّة أخرى) .
وقد كثر جريان هذا اللفظة على ألسنة المحدثين والأدباء في المئة الثالثة والرابعة .
وقد رُوي في (أيش) كسْر الألف وفتحها ، والفتح أقرب ، وأقيس .
الخلاصة :
أيش هذا ؟! من العامي الفصيح القديم .