التحديث اللغوي..تجدّد مستويات اللغة
أ.د يحيى عبابنة
من الأمور الطبيعية أن تعمل اللغات الطبيعية الحية على تحديث نفسها تحديثا متدرجا حتى تغيُّر قواعد مستوياتها اللغوية المختلفة، وتتفاوت هذه المستويات في التغير تبعا لتفاوت عمل قوانين التطور اللغوي التي تعمل على تحديثها، وهو أمر يظهره متابعة الظاهرة اللغوية، فالمستوى الصوتي قليل التغيُّر وإن كان عمل القوانين فيه من أظهر المستويات، وتغيّر المكوّنات الصوتية في اللغة قد يكون محدود المساحة قياسا إلى تغير المكوّنات الصرفية أو المكونات النحوية، وأما تغير المكوّن الدلالي فهو دائم وتحكمه قوانين مختلفة يبدو فعلها عند دراسة أعراض التطور الدلالي وشبكة العلاقات المجازية وغيرها من الأعراض..
وإذا ألقينا نظرة على تاريخ اللغات فإننا نجد أن اللغات غير المقيّدة أكثر عرضة لفعل قوانين التطور اللغوي التي تعمل على إحداث التغيير الشامل لمستويات التركيب اللغوي، في حين يتركّز التحديث على المستوى الصرفي في اللغات المقيدة نحويا كاللغة العربية مثلا.. وهو أمر يفكر فيه أبناء اللغة العربية مغمورين بالخوف على اللغة.. أقول لهؤلاء: لا تجزعوا على اللغة مهما كان حجم التحديث الصرفي.. فإذا أصاب التحديث المستوى النحوي التركيبي للغة.. فعند ذلك فاجزعوا.. المستوى النحوي للغة العربية يجب أن يكون محميا لأنها لغة مقيدة وليست من اللغات الحرة (التي تحدّث مستواها النحوي)..