.
الجواب
عبد القاهر الجرجانـــــي
هو عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجانــي ، شافعي المذهب ، أشعري العقيدة ، ولد في مطلع القرن الخامس الهجري في مدينة جرجان بين طبرستان وخراسان ببلاد فارس ، و بها توفـي عام 471 هـ ، وفيها تعلم النحو على يدي عالمها الكبير أبو الحسين الفارسي ، والأدب على يدي قاضي قضاتها علي بن عبد العزيز الجرجاني ، وكان زاهدا عابدا شغوفا بالمعرفة ، ترك وراءه رحمه الله عددا من المصنفات العلمية العظيمة أمثال : المغني ، والمقتصد ، والتكملة ، والجمل ، والعوامل المائة ، والرسالة الشافية في إعجاز القران ، ولكن شهرته كانت بسبب كتابيه العظيمين
اللذين أحدث بهما تحولا كبيرا في التفكير النقدي والبلاغي وهما : أسرار البلاغة ، ودلائل الإعجاز .
وقد نسب له مختارات من شعر المتنبي والبحتري وأبي تمام نشرت في الطرائف الأدبية للميمني ، وشرح لديوان المتنبي حقق بالجامعة الإسلامية جزء منه ، وكتاب درج الدرر في تناسب الآي والسور الذي يعمل على تحقيقه الشيخ وليد الحسين ، وهذه الكتب يقطع الأستاذ الدكتور محمود توفيق سعد أستاذ البلاغة العربية بجامعتي أم القرى والأزهر الخبير بمنهج عبد القاهر بعدم صحة نسبتها إليه .
وقد وفّق عبد القاهر في تطوير فكرة الجاحظ التي ذهب فيها إلى أن القران معجز بنظمه ، وألف فيها كتابا ـــ لم يصل إلينا ــــ سماه نظم القران . حيث نجح عبد القاهر في تفكيك هذه الفكرة وإعادة بنائها ، وصنع منها نظرية متكاملة لها أسسها وعناصرها وبناؤها العام ، وجوهر هذه القضية أن اللغة مجموعة علاقات ، وأن قيمة اللغة لا تكمن في كم مفرداتها ، ولكن في خصوصية علاقات وحداتها المكونة لها .
والنظم عنده هو ترتيب الكلمات بحسب ترتيبها في الذهن ، فاللغة صورة للفكر ، وعلامة عليه ، والأساليب تختلف باختلاف عقول مبدعيها ، ويفضل بعضها بعضا حتى تصل درجة الإعجاز الذي تنقطع دونه الأطماع ، وتعجز عن بلوغه القدرات .
وبهذه النظرية يقدم الجرجانـي منهجا لقراءة النص يقوم على إدراك جمالــي للعلاقات المكونة للنص وخصوصيتها ، و إيجاد اللغة العلمية الدالة على ذلك الإدراك الجمالــي ، وهو ما ينفي عن العملية النقدية الأحكام الانطباعية ، والأهواء .
وقد نالت هذه النظرية كثيرا من العناية والاهتمام من الدارسين لخصوبتها وقدرتها على الانفتاح والتجدد .
.