الفتوى (3794) :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
القول بإعراب المثنى من أسماء الإشارة ليس قولًا واحدًا، فهناك من يذهب إلى بنائه، والألف في هذانِ علامة البناء في الرفع، والياء في هذينِ علامة النصب والجر، والنون لتحسين اللفظ، وليست عوضًا عن التنوين في المفرد مثل زيدٍ وزيدينِ؛ لأن مفرد اسم الإشارة مبني وليس معربًا منوّنًا. وأما علة استعمالهم مثنى اسم الإشارة بالألف في موضع الرفع، وبالياء في موضعَي النصب والجر فَلِقُرْبِها من الأسماء المتمكنة وشبهها بها، وأما التزامهم ذلك في المثنى من غير الجمع فلأن المثنى عندهم على نسق واحد، بخلاف الجمع المتعدد استعمالُه. وفي ذلك يقول ابن جني في كتابه "علل التثنية":
"هذان وهاتان واللذان واللتان إنما هي أسماء موضوعة للتثنية مخترعة لها وليست بتثنية الواحد على حد زيد وزيدان إلا أنها صيغت على صورة ما هو مثنى على الحقيقة لئلا تختلف التثنية، وذلك أنهم يحافظون على التثنية ولا يحافظون على الجمع، ألا ترى أنك تجد في الأسماء المتمكنة ألفاظ الجموع من غير ألفاظ الآحاد نحو رجل ونفر وامرأة ونسوة وبعير وإبل وواحد وجماعة، ولا تجد في التثنية شيئًا من هذا وإنما هي من لفظ الواحد لا يختلف ذلك، فهذا يدلك على محافظتهم على التثنية وعنايتهم بها أن تخرج على صورة واحدة؛ فلذلك لما صيغت للتثنية أسماء مخترعة غير مثناة على الحقيقة كانت على ألفاظ المثناة تثنية حقيقة، وذلك ذان وتان واللذان واللتان… فما بالهم صاغوا لتثنية ذا والذي اسمين على صورة التثنية فقالوا ذان واللذان ولم يقولوا في أنت أنتان ونحوه؛ فالجواب أنهم صاغوا لذا والذي اسمين على صورة الأسماء المثناة فقالوا ذان واللذان من قبل أن أسماء الإشارة والأسماء الموصولة أشبه بالأسماء المتمكنة من الأسماء المضمرة. قال أبو علي: ألا تراهم يصفون أسماء الإشارة ويصفون بها فيقولون: مررت بهذا الرجل ومررت بزيد ذا، وكذلك يقولون مررت بالذي قام أخوه، فلما قربت الأسماء المشار بها والأسماء الموصولة من الأسماء المتمكنة صيغت لها أسماء التثنية على نحو تثنية الأسماء المتمكنة، ولما كانت الأسماء المضمرة لا توصف ولا يوصَف بها بعدت عن الأسماء المتمكنة فخالفوا بينها وبين ما قارب المتمكنة فصاغوا لها أسماء التثنية على غير صورة الأسماء المثناة المتمكنة… فإذا صح الذي ذكرناه علمت أن النون في هذان واللذان واللتان ليست عوضًا من حركة ولا من تنوين ولا من حرف محذوف كما يظن قوم، ولا حكم هذان واللذان في أنهما اسمان مثنيان حكم الزيدان والعمران لما ذكرناه قبلُ".
اللجنة المعنية بالفتوى:
المجيب:
أ.د. أحمد البحبح
أستاذ اللغويات في قسم اللغة
العربية وآدابها بكلية الآداب - جامعة عدن
راجعه:
أ.د. محروس بُريّك
أستاذ النحو والصرف والعروض
بكلية دار العلوم جامعة القاهرة
رئيس اللجنة:
أ.د. عبد العزيز بن علي الحربي
(رئيس المجمع)