لحن الخطاب (3)
سعادة ... أبعث إليكم طيّه تقريرا يشتمل على ما تقدم به فلان من تبرير بصفته غير مسؤول عن العهدة التي سألتم عنها وتقبلوا تحياتي العاطرة .
سبق الكلام عن ثلاثة ألفاظ في هذا الخطاب يرى بعض النقاد أنها من لحن القول ...
والرابع : "التبرير" لفظة مُحدَثَة " ، لا وجود لها في معاجم العربية بجميع مشتقاتها ، فلا يوجد التبرير ، ولا مُبرر ، ولا برّر ، أو يُبرر. وينطق بها ملايين الناس من الخاصة والعامة ... ولم يجد كثير من النقاد محيصا من إقرارها ، وتكلّف ردها إلى معنى أحرفها الأصلية : الباء والراء المشددة ...
وأول من بحثها اللغوي الناقد: مصطفى جواد . وأجاز استعمال قولهم " برّرَه" على معنى : نَسَبَه للبر ، كبخّلَه وبدَّعَه : نسبَه للبخل ، والبدعة ، ... ثم أخرجَنا إلى ضائقة أخرى ، فقال : الصواب أن يقال: أبَرّ الشيء ، يبِر إبرارا ، ومعلوم أن الإبرار في اليمين هو إمضاؤها ، وعدم نَكثِها . فألجأنا -عفا الله عنه- إلى أن نجعل " الإبرار" مكان " التبرير" وأن نتكلّف ردّ معنى ما نريده من "التبرير" إلى معنى " الإبرار"
وقبل أربعين عاما بَحَثها مجمع اللغة بالقاهرة، وأجاز استعمالها لفظا ومعنى . وجاء في حيثيات حُكمه ، يقال: برّ حجُّه أي : قُبِل ، وبرّرَه : جعله مقبولا. ورأى جواز تضعيف الفعل للتكثير والمبالغة جوازا قياسيا .
وأنا آنصر هذا القول وتعليله . وأزيد عليه : أن الزيادة قد تفيد التكرير مع التكثير ، نحو: كرّ ، وكرّر . وشدّ وشدّد ، وردّ وردّد ، كما تفيد التقرير -تقرير المعنى في الوقت نفسه- ... وللكلام تتمة .*
الخلاصة :
" التبرير" لفظة محدَثة ، تقبلها اللغة؛ لسلامة مادتها .*