شعراء الرسول: عبد الله بن رواحة.. "يا نفس إلا تقتلي تموتي"

[شمس]

شعراء الرسول: عبد الله بن رواحة.. "يا نفس إلا تقتلي تموتي"





لم يكن عبد الله بن رواحه مجرد شاعر فقط، ينطلق الشعر من بين ثناياه عذبا قويا، بل كان فارسا وقائدا نذر حياته وجند شاعريته في الدفاع عن الإسلام ورسول الإسلام.فقد كون مع حسان بن ثابت وكعب بن مالك جبهة شعرية قوية تقف إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم .

لقد كان ابن رواحة من القلة الذين يُحسنون الكتابة في يثرب، شاعرًا لبيبًا، كاتبا في بيئة لا عهد لها بالكتابة إلا يسيرا.

ومنذ أسلم, وضع مقدرته الشعرية في خدمة الإسلام..وكان الرسول يحب شعره ويستزيده منه.

من هو عبد الله بن رواحة!

هو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرؤ القيس الأنصاري الأمير، كنيته أبو محمد وليس له أولاد، كان يكتب الشعر في الجاهلية، وكان يمدح النبي في شعره، وكان من المتعبّدين الطائعين القانتين، كما حضّ نفسه على التقوى وطلب الشهادة والجهاد في سبيل الله، ودافع عن الإسلام والمسلمين.

آخى الرّسول بينه وبين المقداد بن عمرو، وشارك مع النبي في عدّة غزوات منها: بدر؛ وكان أوّل من خرج للمبارزة، وهو من أرسله النبي ليبشّر المسلمين بالنصر، وفي غزوة مؤتة والتي استشهد فيها، حزن النبي لفراقه وقال عنه: (رحمُ اللهُ ابنَ رواحةَ إنَّه يحبَّ المجالسَ الَّتي تتباهَى بها الملائكةُ) .

عندما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس مستخفيا من كفار قريش مع الوفد القادم من المدينة هناك عند مشارف مكة, يبايع اثني عشر نقيبا من الأنصار بيعة العقبة الأولى, كان هناك عبدالله بن رواحة واحدا من هؤلاء النقباء, حملة الإسلام إلى المدينة, والذين مهدّت بيعتهم هذه للهجرة التي كانت بدورها منطلقا رائعا لدين الله, والإسلام..

وعندما كان الرسول في العام التالي، يبايع ثلاثة وسبعين من الأنصار أهل المدينة بيعة العقبة الثانية, كان ابن رواحة العظيم واحدا من النقباء المبايعين.

وحين كان الرسول عليه الصلاة والسلام يطوف بالبيت في عمرة القضاء، كان ابن رواحة بين يديه ينشد من رجزه:

يا ربّ لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدّقنــــــــــــا ولا صلينا

فأنزلن سكينــــــــــة علينا وثبّت الأقدام إن لاقينـــــــــــا

إن الكفار قد بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا

ومن شعره في النبي الأكرم:

إني تفرست فيك الخير أعرفه والله يعلم أن ما خانني البصر

أنت النبي ومن يحرم شفاعته يوم الحساب فقد أزرى به القدر

فثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت موسى ونصرًا كالذي نصروا

شهيد مؤتة

وقبل مغادرة الجيش المدينة للتوجه لمقابلة الروم في معركة مؤته، وقف ابن رواحة رضي الله، وقف ينشد ويقول:

لكنني أســـــأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرع وتقذف الزبدا

أو طعنـــة بيدي حرّان مجهرة بحربــــــة تنفد الأحشاء والكبدا

حتى يقال إذا مرّوا على جدثي يا أرشد الله من غاز, وقد رشدا

التقى الجيشان في مؤتة في جمادى الأولى سنة 8 هـ،، وواجه المسلمون موقفًا عصيبًا بسبب التفوق العددي للروم، فقُتل القائد الأول زيد بن حارثة، ثم القائد الثاني جعفر بن أبي طالب، فانتقلت الراية للقائد الثالث ابن رواحة الذي تردد قليلاً، ثم أنشد:

أقسمت يا نفس لتنزلنه طائعة أو لا لتكرهنه

فطالما قد كنت مطمئنه ما لي أراك تكرهين الجنة

هل أنت إلا نطفة في شنة قد أجلب الناس وشدوا الرنة

ثم نزل ابن رواحة للقتال فطُعن، فاستقبل الدم بيده فدلك به وجهه، ثم اخترق الصفوف، وجعل يقول: «يا معشر المسلمين، ذُبُّوا عن لحم أخيكم»، فهاجم المسلمون حتى يدركوه، فلم يزالوا كذلك حتى أدركوه وقد مات مكانه.

فقد هوى جسده, فصعدت روحه إلى الرفيق الأعلى روحه المستبسلة الطاهرة.

وتحققت أغلى أمانيه:

حتى يقال إذا مرّوا على جدثي يا أرشد الله من غار, وقد رشدا



.