لماذا استعمل الرسول صلى الله عليه وسلم(ْ إنْ )في قوله( فإن غُمَّ عليكم )قال بعض أهل اللغة إن( إن) الشرطية تستعمل لما هو محتمل و مشكوك في وقوعه ،أما (إذا )فتستعمل للجزم
قيل: لهذا قال الله تعالى إذا جاء نصر الله والفتح (انظر البرهان للزركشي 1/36)و الظاهر أن هذا يقوي قول من يقول :إن رأى تفيد العلم لأن وقوع الغُّمِّ مهما كان نوعه أمر احتمالي فقد يقع وقد لا يقع، ويستنبط من هذا أن من الواجب علينا التأكد تماماً من رؤية الهلال، والتأكد يناسبه العلم اليقيني، المدلول عليه بطرق كثيرة ،منها النظر ومنها المجاهر الفلكية ،ومنها علم الحساب إن بات قطعياً
وهذا التفسير اللغوي المقوي رأيَ من قد يرى أن (رأى )في الحديث قد تكون بمعنى العلم ،يُستأنس له بأن اتجاه العربية يميل إلى التناسب والتوافق ،ففي عطف الجمل يستحسن عطف الإنشائية على الإنشائية والخبرية على الخبرية، ويؤ نسنا بذلك أيضاً حديث النحاة في نظرية العامل قالوا: الأصل أن يتطابق العامل والمعمول معاً ولا يتناقضا, لذلك قالوا: إن( أن )المخففة من الثقيلة تفيد التوكيد لأن أصلها التثقيل , ويناسبها حينئذ أن يكون الفعل قبلها وهو العامل فيها من أفعال اليقين. كقوله تعالى :علم أن سيكون منكم مرضى . ، (انظر لذلك الكشف ،لمكي ،1/46وشرح المصل ،لابن يعيش ،8/77 )
ولو قيل :إن استعمال (إن )هنا يقوي رأي من يقول :إن رأى نظرية ،لكان وجهاً أيضاً ،لأن الغُمَّ قد يقع وقد لا يقع مادامت الرؤية هي رؤية النظر ،التفسيران مقبولان ،أما الأرجح فلابد من النظر في بقية أدلة الفريقين ،وبعد ذلك يتم الترجيح ،وليس من مهمتنا هنا أن نأتي على القول الفصل في المسألة ،ولكن نريد أن نبين مدى أهمية فهم العربية في توجيه النصوص اللغوية، ،خاطرة خطرت، ربما أفادت .