كتبه الودغيري محمد
السلام عليكم
لا أملك أي مشروع حي أقدمه لك فيما يتعلق بهذا النوع من المعاجم , لكني أملك تصورا علميا لتنفيذ المشروع حاسوبيا .
بسبب غنى وشساعة معجم اللغة العربية , يستحيل على فرد او ثلاثة القيام بمهمة علمية كهذه , لا ترتبط الصعوبة هنا بالكم المعجمي لالفاظ اللغة العربية , وانما ترتبط الصعوبة في تنظيم المادة اللغوية المعجمية تصنيفها و برمجتها , يشترك المعجم العربي مع المعاجم الغربية في العديد من الخصائص , مثل الانتقال من المعنى المحسوس للفظ الى المعنى المجرد , وكذا الحاق اللواحق بالمشتقات عن طريق توسيع اللفظ بالرجع أو التخليل او التمطيط , ولهذا النوع من التوسيع وسائل متعددة في العربية وجب عدها وتصنيفها وضبطها , ومنها حروف الزيادة , وحروف المعاني والتعدية , وربما كانت هناك قضايا اخرى مرتبطة بالتصنيف البنائي للمشتقات العربية . وهذا يدخل في عمل اللساني المورفولوجي واللساني الصوتي , فمن اللواحق ما هو مرتبط ومتلحم باللفظ العربي المشتق , لان اللغة العربية الصاقية في اغلب ألفاظها كتاء الثأنيث مثلا , ومنها ما هو منفصل كضمير الغبية للجماعة ( هم ) او الفعل المتعدي بحروف التعدية .
عند البرمجة , لست أدري ان كان هذا سيؤثر في عملية تاليف و توضيب الالفاظ في جملة واحدة , او أن المبرمج يستطيع برمجة الجملة او الجمل الشارحة للفظ المعجمي , فاذا كان الاختيار الثاني ممكنا ومتاحا , فان العملية ستكون سهلة ومفيدة , واذا كان لا مندوحة من الاختيار الاول فان العمل سيكون شاقا وسياخذ زمنا أطول .
أفترض أن العملية الاولى ممكنة هنا , يمكن توجيه المشتق الاصلي الجذر باسهم نحو الدلالات الاخرى التي تحملها المشتقات الاخرى المتولدة عن الجذر الاصل , ولاسباب متعددة أؤمن ان الفعل هو الاصل في العربية وليس المصادر او الاسماء , على الاقل الافعال ترتبط مباشرة بالجذر المعجمي من حيث البنية والميزان الصرفي , فلتكن الافعال هي النواة المعجمية لهذا المعجم , الا ان الافعال في العربية تختلف في عدد حروفها من الثلاثي الذي اصله ثنائي الى الرباعي الذي اصله ثلاثي وهكذا دواليك ( انظر في ذلك مقدمة معجم العين ) وايضا متنه , فالتوزيع الذي قدمه الخليل ابن احد سيساعد عند تمثله على برمجة الالفاظ العربية حاسوبيا . اذا نجحت عملية برمجة الشروح كجمل طويلة او قصيرة فان العملية بمجملها ستنجح ,
نضيف الى هذا ضرورة حذف الشروح الصوتية والصرفية والنحوية للفظ الواحد من عملية البرمجة , والعمل على تصنيفها وبرمجتها ضمن معجم ثاني مرتبط بالاول حاسوبيا , والاول يحيل على الثاني مع الفصل بينهما اجرائيا و الربط بينهما برابط , والهدف من ذلك أن تحتفظ المشتقات العربية بغناها المعجمي الدلالي القادم من خلال تلك المستويات الصوتية والصرفية والنحوية , او غيرها الخطية والعروضية الى الخ , ان ذلك الفصل ممكن من ناحية الاجرائية , هذه الخاصية العلمية لا توجد في اللغات الاخرى على الاطلاق وسبب ذلك يعود اولا الى ان فهم المشتقات العربية يمر بمراحل بنائية متعلقة بتحولات اللفظ الصوتية والصرفية والنحوية , هذا فضلا عن تحولاته المعجمية الدلالية . ان المعجم الاساسي سيكون موضوعه الدلالة المعجمية التي تحمل في الكثير من الاحيان متناقضات الجدر الواحد , ومثله اللفظ الانجليزي العربي الاصل , ( cypher and decypher ) اي التشفير وفك التشفير , اما المعجم الثاني المرتبط بالمستويات الاخرى كما ذكرنا , سيتحقق بشكل مواز مع الاول , لكن على المبرمج اخفاؤه خلف المعجم الدلالي , حتى اذا احتاج القارئ لما يدعم فهمه للفظ الواحد , ضغط على رابط بالفأرة يربط ذلك اللفظ المستهدف بشروحاته النحوية والصرفية والصوتية , ويجب عدم اهمال هذا المعجم الاجرائي الملحق لسببين , اولا المعجم الدلالي سيكسب مساحات شاسعة وسيتفرغ فقط للدلالة المعجمية , ثانيا سيقوم المعجمي المبرمج بتخزين كنز لغوي عربي ثمين يستفيد منه قراء العربية من خلال ذلك المعجم الخفي , يعود سبب وجود المعجم الخفي أساسا الى ظاهرة الاعراب التي تعرفها العربية من دون لغات العالم .
في المعجم الاساسي , اي المعجم الدلالي , وجب تصنيف الالفاظ تصنيفا علميا وفق نظرية الحقول الدلالية ونظرية السمات الدلالية المعجمية , واذا ما نجح هذا التصنيف علميا وعمليا فتأكد بضمانة مني اننا سننطلق في بناء معاجم اخرى متخصصة في حقول علمية كالطب وعلم التعدين والميكانيكا وغيرها كثير , تأكد آنذا ان الترجمة لن تتوقف وان اللغة العربية ستقفز في الزمن الى الامام سنوات ضوئية , ولن تأبه لما يحيط بها من لغات .
لكي لا يبقى كلامنا حبرا على ورق , هذا العمل يحتاج الى جهد جبار لمن يعلم جيدا ما هو المعجم العربي , ولن يتأتي الا عن طريق واحد هو دينامية الجماعات , حيث في رأيي وجب الاستفادة من الطاقات العربية الذاتية في فقه اللغة واللسانيات والمعجمية على الخصوص , طبعا مع توفير الكوادر ذات الكفاءة العالية في علم الحاسوب , والطريق الثاني وهو واضح ومعروف وهو التمويل المادي والتشجيع والتكريم من أهل بيت المال والمسؤولين عنه او من اصحاب الاريحية , هذا في الحقيقة مشروع احد المنظمات العربية او احدى الحكومات العربية او احد الغيورين على لغة الاسلام , هو في رأيي مشروع قابل للتحقيق وانجازه يماثل مائة مؤتمر حول اللغة العربية .
أرجو أن أكون أفدتك بما علمني اياه سبحانه وتعالى .
تحية طيبة