تتمة :
يصوره الشاعر محمود حسن إسماعيل (ولد في 2 يوليو 1910 وتوفي في 25 إبريل 1977م) يصور لنا رمضان كضيف عزيز حل وارتحل، فيقول
أضيفٌ أنت حـــلَّ على الأنام
وأقسم أن يحيا بالصــيام
قطعت الدهر جوابـــا وفـيــا
يعود مزاره في كل عــام
تخيم لا يحد حمـــاك ركـــن
فكل الأرض مهد للخيـام
ورحت تسن للأجواء شرعا
من الإحسان علوي النظام
بأن الجوع حرمان وزهــــد
أعز من الشراب أو الطعام
لم يكن الغناء العربي بمعزل عن معايشة القضايا القومية للأمة التي ينتمي إليها ويعبر عن آمالها وتطلعاتها, وقد تجسدت هذه الفلسفة في أغنية "دعاء الشرق" التي يقول مطلعها:
"يا سماء الشرق طوفي بالضياء وانشري شمسك في كل سماء
ذكريه واذكري أيامه بهدى الحق ونور الأنبياء"
وهي القصيدة التي صاغ كلماتها الشاعر "محمود حسن اسماعيل" وبلغ في تلحينها "عبد الوهاب" مرتبة الكمال الفني, وأغنيات أخرى زاخرة بهذه المعاني, على عهد يكشف مواطن فلسفة الشعر والجمال والابداع في الغناء العربي المعاصر, ويؤكد مدى تأثير الشعر العربي في تطوير مسار الأغنية العربية, ومدى تغلغل كلمات الشاعر في وجدان الفنان والملحن, بصورة تدفعه إلى التعمق في الإبداع, والسير قدماً باللحن إلى ما يستحقه من إبداع وتطور, جدير بإعجاب المستمع وباحترام الجمهور, وجدير بالخلود في وجدان التاريخ
محمود حسن إسماعيل
(1910 - 1977م )
مولده ونشأته:
ولد فى 10 يوليو عام 1910م بقرية النخيلة مركز أبو تيج بمحافظة أسيوط .
ذهب الى القاهرة بعد ان تكون فهمه الفطرى للأدب بين الأكواخ والحقول من قرية فى قلب الصعيد التى نشأ وكبر وتكون مزاجه الأدبى فيها تلك هى قرية النخيلة
تعليمه
درس الشاعر محمود حسن إسماعيل بقرية النخيلة حتى حصل على البكالوريا ثم التحق بدار العلوم وتخرج فيها عام 1936م وكان أثناء دراسته ينشر أشعاره فى مجلة الرسالة
إنتاجه الشعرى
لمحمود حسن اسماعيل إنتاج شعرى غزير إذ بلغت دواوينه اثنى عشر ديوانا شعريا مرتبة حسب تاريخ الإصدار كالآتى
أغانى الكوخ سنة 1935م
هكذا أغنى سنة 1937م
أين المفر سنة 1947م
نار وأصفاد سنة 1959م
قاب قوسين سنة 1964م
لابد سنة 1966م
التائهون سنة 1968م
هرير الرزخ سنة 1969م
صلاة ورفض سنة 1970م
نهر الحقيقة سنة 1972م
موسيقا من السر سنة 1978م
صوت من الله سنة 1979م
وفاته
في السابع والعشرين من إبريل سنة 1977م شيع عشاق الشعر والأدب محمود حسن إسماعيل بعد أن نقل جثمانه من الكويت إلى القاهرة وكان فيهم كثير ممن عرفوا صباه وشبابه واستمعوا لشعره قبل أن يلقى في المحافل والندوات وقبل أن يطبع دواوينه والذين عاشوا معه تطلعاته فشيعوا عالما من الشعر الرفيع والمنهج البديع والريادة المبكرة .
محمود حسن إسماعيل
(1910-1977)
ولد بقرية النخيلة بمحافظة أسيوط في 2/7/1910، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بين مدارس أسيوط والقاهرة.
ثم لحق بكلية دار العلوم جامعة القاهرة وتخرّج منها عام 1936 حيث حصل على ليسانس العلوم العليا، وقد اكتسب ثقافة واسعة وأُتيح له من التجارب ما لم يتح لزملائه، فعمل أول ما عمل محرراً بالمجمع اللغوي، ولم يلبث أن انتقل مستشاراً ثقافياً بالإذاعة المصرية وعمل فيها عدة سنوات، سافر بعدها في أواخر السبعينيات إلى الكويت بعد أن أُحِيلَ إلى التقاعد حيث عمل مدة سنتين أو ثلاثاً إلى أن توفي إلى رحمة الله بالكويت في 25 نيسان سنة 1977م، فنقل جثمانه إلى مصر حيث دفن في ثراها، وكانت مصر في وجدانه طوال فترة غربته عنها.
ومحمود حسن إسماعيل شاعر كبير متميز له لونه الشعري الخاص به، وقد أثار شعره الكثير من الجدل، فأشاد به بعض النقّاد باعتباره شعراً ذا أبعاد عميقة، وهاجمه آخرون باعتباره شعراً غامضاً بعيداً عن أرض الواقع، يجسد أخيلة مغرقة في الرمزية.
وقد تشكّل وجدان محمود حسن إسماعيل بكل صور الطبيعة الجميلة التي شاهدها في قريته النخيلة، وبكل أحزان الفلاحين البسطاء ومعاناتهم، أولئك الذين نشأ بينهم وعاشرهم وتأثّر بهم فتشرّب كل هذه الصور التي عكسها في شعره طوال حياته.
أشهر أعماله:
أصدر عدة دواوين هي على التوالي:
- أغاني الكوخ، 1935.
- هكذا أغني، 1937.
- الملك، 1946.
- أين المفر، 1947.
- نار وأصفاد، 1959.
- قاب قوسين، 1964.
- لا بد، 1966.
- التائهون، 1967.
- صلاة ورفض، 1970.
- هدير البرزخ، 1972.
- صوت من الله، 1980.
- نهر الحقيقة، 1972
- موسيقى من السر، 1978.
- رياح المغيب، نشرته دار سعاد الصباح لأول مرة عام 1993.
وقد صدرت منذ بضع سنوات مجموعة أشعاره الكاملة.
وكان شعر محمود حسن إسماعيل موضوعاً لعدة رسائل جامعية باعتباره لوناً فريداً في الشعر العربي المعاصر لواحد من أبرز شعراء التجديد.
من قصائد الشهيرة المغنّاة:
تغنى بشعره كبار المطربين، ومن أشهر قصائده «النهر الخالد»، «ودعاء الشرق»، اللتان شدا بهما الموسيقار محمد عبد الوهاب، وأنشودة «يد الله» للمطربة نجاح سلام، وأغان أخرى مختلفة.
ندوات ومحاضرات:
- الاشتراك في مؤتمرات الأدباء والشعر العربي، والمحافل الأدبية في مصر والبلاد العربية منذ عام 1935.
- الاشتراك في الندوة العالمية لموضوع الالتزام في الأدب بيوغسلافيا عام 1969.
- تمثيل مصر في مهرجان الشعر العالمي بيوغسلافيا عام 1969.
- الاشتراك في مهرجان الكواكب بمدينة «حلب».
جوائز تقديرية وأوسـمة:
حصل على عدة جوائز منها :
- وسام الجمهورية من الطبقة الثانية عام 1963.
- وسام الجمهورية من الطبقة الثانية عام 1965.
- جائزة الدولة التشجيعية عام 1964.
- وسام تقدير من الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة.
أعمال أدبية :
- له كتاب «الشعر في المعركة » الذي صدر الجزء الأول منه عام 1957، والجزء الثاني عام 1967.
دراسات أدبية ومقالات وقصائد نشرت في المجلات والصحف:
له عدد من الدراسات الأدبية والمقالات والقصائد التي نشرت في العديد من الدوريات العربية مثل: السياسة الأسبوعية، أبوللو، النهضة الفكرية، الرسالة، الهلال، المصور، الإذاعة، الأقلام العراقية، البيان الكويتية، الرسالة الجديدة، الأدباء العرب، الوعي الإسلامي الكويتية، المسلمون، الأديب اللبنانية، مجلة المجلة، مجلة الشعر- مع الإشراف على تحريرها. وفي الصحف مثل: الأهرام،
البلاغ، المصري، الدستور، الأخبار، الجمهورية.
شعر: صلاة إلى غمامة شاردة
أقبلي كالصـلاة
رقرقها النُسْـك
بمحـراب عابـد متبتّـلْ
أقبلـي آية من الله ُعليـا
زفّـها للفنـون
وحـي منـزّلْ
أقبلي فالجراح ظمأى
وكاس الحب ثكلى
والشعر ناي معطّلْ
أنت لحـن على فمي عبقـريّ
وأنا في حدائـق الله
ُبلبـلْ
أقبلي قبل أن تميـل بنا
الريـحُ
ويهوي بنا الفنـاءُ المعجّلْ
أنت كاسي وكرمتي
ومدامي
والطلا من يديك
ُسكْر محلـّلْ
أنت لي رحمة براها شعاع
هـلّ من أعين السمـا
وتنـزّلْ
أنت نبـع من الحنـان عليه
أطـرق الفن ضارعا
يتوسّـل
ولك الصـوت ناغم عاده الشـوق
فأضحـى حنينه يترسّلْ
نبرات كأنهـا شجـن الأوتار
في عـود عاشـق
مترحّـلْ
أو نشيد أذابـه الأفُـقُ النائـي
وغناه خاطـري المتـأمّلْ
فتعالي نغيب عن ضجّة الدنيا
ونمضي عن الوجود
.. ونرحلْ!
شعر محمود حسن إسماعيل
الانتظار - لمحمود حسن إسماعيل
انـتظرني هنا مع الليل.. إنّي
أنـا فـي صدركَ المحطَّم سِرُّ
هـكذا قالتِ الشقيّةُ واللَّيْـ
ـلُ على صدرها أنينٌ وشِعْر
واهـتـزازٌ كـأنّه قُبَل العُشّا
قِ، لـم يـحمِها حجاب وسترُ
ولـهـا نـظـرةٌ كأنَّ بقايا
مـن وداع عـلى الجفون تمرّ
نعسةٌ، وانتعاشة.. وهنا الشَيْ
ءُ الذي قيل عنه للناس: سِحر!
وابـتـهالٌ كأنّه غُربة الطَّيْـ
ـرِ، لـها في سمائم البِيد سَيْر
ولـها رعشةٌ كما انتفضتْ كأ
سٌ بـكـفّي، فكلُّها ليَ سُكْر
زمّارتي في الحقول كم صدحتْ
فـكدتُ من فرحتي أطيرُ بها!
الـجَدْيُ في مرتعي يراقصُـها
والـنَّـحْل في ربوتي يُجاوبُها
والـضَّوْءُ منْ نشوةٍ بنغْمتها!
قـد مـال فـي رَأْده يُلاعبُها
رنـا لـها من جفون سَوْسنَةٍ
فـكـاد من سَكرةٍ يُخاطبُها
نـفـخـتُ في نايها فطَرَّبني
وراح فـي عُـزلـتي يُداعبُها
يُـغـازلُ الروحَ من ملاحِنِهِ
بـخَـفْـقَةٍ في الضُّحَى تُواثبُها
سـكرانُ من بهْجة الربيع بلا
خـمْـرٍ بـه رُقْرِقَتْ سَواكِبُها
يـهـفـو إلـى مهده بمائسةٍ
مـن غَـضِّ بـرْسيمه يُراقبُها
صَـبـيَّـةٍ فُـوِّفَتْ غلائلُها
وطُـرِّزَت بـالـسَّنَا ذوائبُها
غـنَّيْتُ في ظلِّها.. فهل سمعتْ
لـحـني وقَدْ أُرْعِشَتْ ترائبُها!
أم زارهـا فـي مِهادها نَسَمٌ
وراح مـن فـتـنةٍ يُجاذبُها؟
هكذا أغنِّـــي
إن تسل في الشعر عني...هكذا كنت أغني
لا أبالي أشجَى سمعَك أم لم يُشجِ لحني
هو من روحي لروحي صلوات, و تغنِّي
و هْو من قلبي ينابيع بها يهدر فني
للأسى فيها تعاليل, و لليأس تمنّي
و هْو إحساسي الذي ينساب كالجدول مني
واثب كالطير في الأظلال من غصن لغصنِ
ذاهل كالوتر المهجور في عود المغنِّي
ساهم الأنفاس حيران...أيبكي أم يُغنِّي؟
لم يُصب من دهره غير جحود و تجنِّي
فانبرى يعصف في دنياه بالشدو المُرنِّ
زاجلا تذكي صداه نارُ أيامي و حزني
إن تُرد منه سُلُوَّاً عن أساة...فامضِ عني
هكذا يخفق نايي بين إلهامي و بيني
يُلهم الله...فيمضي و تر الروح يغنِّى
فسواء رحت تغضي لائما...أو رحت تُثني
مزهري نشوان لا توقظه ضجةُ كوني
مذهبي؟ لا مذهب اليوم سوى أصداء لحني
و لها الخلد! و لي في ظلها سحر التغنِّي
هي خمري! و هْي حاني! و هْي أعنابي و دنِّي
قد وهبت الفن عمري, و وهبت الشرق فنِّي
فليلم مَن شاء...إني راسخ كالطود جنِّي
فإذا رقَّ...فقل: يا قُبَلَ الأسحار غنِّى
إن تشأ فاسمع نشيدي...أو تشأ فارحل و دعني
و إذا أشجاك همسٌ من صداه...لا تلمني
ما أنا إلا كظلٍّ لشعوري...فاعفُ عني
محمود حسن إسماعيل
أنت دير الهوى وشعري صلاة
أقبلي كالصلاة
أقبلي كالصلاة رقرقها النسك
بمحراب عابد متبتل
أقبلي أية من الله علينا
زفها للوجود وحيُ مُنزَل
أقبلي كالجراح طمأي
وكأس الحب ثكلي
والشعر ناي معطل
أنت لحنُ علي فمي عبقري
وأنا في حدائق الله
بلبل
أقبلي قبل أن تميل بنا الريح
ويهوي بنا الفناء المعجل
زورقي في الوجود حيران
شاك ، مثقل باسي
شريد مضلل
أزعجته الرياح واغتاله الليل
بجنح من الدياجير مسبل
أقبلي يا غرام روحي فالشط
بعيد والروح باليأس مثقل
أنت نبعي وأيكتي وظلالي
وخميلي وجدولي المتسلسل
أنت لي واحة أفيء إليها
وهجير الأسي بجنبي مشعل
أنت ترنيمه الوجود بشعري
وأنا الشاعر الحزين المبلبل
أنت كأسي وكرمتي ومُدامي
والطلا من يديك سكر محلل
أنت فجري علي الحقول حياة
وصلاة ونشوة وتهلل
أنت طيف الغيوب
رفرف بالرحمة والطهر والهدي
والتبتل
أنت لي توبة
إذا زل عمري
وصحا الأثم في دمي وتململ
أنت لي رحمة
براها شعاع
هلي من أعين السما وتنزل
أنت صفو الظلال
تسبح في النهر
وتلهو علي ضفاف الجدول
أنت عيد الأطيار فوق الروابي
أقبلي، فالربيع للطير أقبل
أنت هولي وحيرتي
وجنوني
يوم للحسن زهوة وتدلل
أنت نبع من الحنان
عليه أطرق الفن ضارعا يتوسل
فتعالي نغيب عن ضجة الدنيا
ونمضي عن الوجود ونرحل
وإلي عشنا الجميل
ففيه هزج للهوي
وظل وسلسل
ووفاء يكاد يسطع الدنيا
بشرع إلي المحبين مرسل
عاد للغش كل طير
ولم يبق سوي طائر شريد مخبل
هو قلبي الذي تناسيت بلواه
فأضحي علي الجراح يولول
أقبلي .. قبل أن تميل به الريح
ويهوي به الغناء المعجل
أقبلي
فالجراح ظمأي
وكأس الحب ثكلي
والشعر ناي معطل
1938
وجئت أصلي
وجئت أصلي
ورغم الأعاصير ترمي خطاها بسفحي وجرحي
وساحات هولي
أتيت أصلي
ورغم احتراق الدروب
ونهش الخطوب لحبات قلبي ورملي
أتيت أصلي
ورغم الرزايا ... وتجوالها في خميلي وأيكي
وعشبي وسهلي
دهست السدود
ودست القيود
وجزت المدود ... وجئت أصلي ...
وجئت أصلي
وفجرت ذاتي لهيبا جديدا
يمزق أغلال رقي وذلي
وماكنت عبداً
ولاذقت قيدا ولكن صوتا خفيا من الله يملي !!
إذا حدث عنه، تردى صباحي بليلي !!
ورغم الظلام الذي ذقته من شرودي وميلي
نفضت الدجي عن وجودي ومزقت ويلي
وكبرت لله .. قلبي يكبر
قبل اختلاجات قولي
أتينا جميعا نصلي ..
وما كاد يفتح للنور باب
وجدنا المصلي
ميادين لهو تخاصر فيها الخنا والفسوق
وجدنا الحمام الذي كان يصغي
لصوت الحواميم
ذبيح الأمان
جريح المكان
يولول في صمته لا يفيق !!
... وجدنا التراب الذي صلى فيه "محمد"
حريقاً .. به لعنة الله ترغي وتزبد !!
... وجدنا المنابر
تحكي مجازر للطهر مخنوقة في العروق
... وجدنا علي صخرة الحق
.. ليلا .. ينادي الشروق
ونارا .. تشد يد النور
من قاع لسيل عميق
وصوتا من الله ...
يزأر في كل ركن عتيق
سنمضي لمحرابها؛ القدس جمعا نصلي
ولو غالنا الموت ... لم يبق أنفاس شيخ وطفل
بيوم ... سيزحف بالقادسية
وبالغضب الحر في كل نفس أبية
وبالثأر .. وهو الصلاة الزكية
فهيا إلى الثأر ... من كل سفح وسهل
وهيا ... وهيا
إلى المسجد القدس ... جمعا نصلي !!
وجئت له فوق ناري ... ومن ناري
أصلي !!
وجئت إلى أولة القبلتين
وبنت السماء التي ضمت النور بالساعدين
وبيت الضياء الذي رشه الله بالراحتين
ضياء، وعطراً
وقدسا وطهراً
ووحياً يسبح في أيتين
... وجئت
وجاء بجنبي صوت الآذان
مع الصمت يصرخ : أين الآذان؟
وجاءت بكفي تكبيرتان
هما رحمة الله في كل آن ...
وجاءت معي ركعتان، وجاءت معي سجدتان
وإيماءتان إلي الله مشدودتان
بجفنين للنور فوق المعارج تستطلعان
... وجاءت معي ليلة
عانقت بها سدة العرش تسبيحتان
بها الله سلم...
ونور ينادي
ونور يلبي
ونور يعانقه المشرقان !
ومن قاب قوسين
راحت تضيء جبين السما هالتان
اللحن المقهور
ليتني كنت صلاة
في كهوف الناسكينا
أتلاشى في طريق الله سوقا وحنينا
ليتني كنت غناء
تائها بين الصحاري
هزني طير غريب
فوق ركبان حيارى
***
ليتنى كنت شعاعا
في ليالي الحائرينا
أسكب السلوان للدمع وأغتال الأنينا
ليتني كنت سكونا
خاشعا بين الجبال
تتلاقى في آيات وجودي بالزوال
ليتني كنت غدا لا
تعلم الأقدار سره
أو نشيدا ضن شادي
الغيب أن يعزف نبره
ليتنى كنت على لُج البحار الخضر زورق
كيفما شاءت بي الريح على الأمواج تخفق
***
ليتنى كنت حفيف الغاب في آذان بيد
يسمع الليل صباباتى ويصغى لنشيدي
***
ليتني كنت صفير الحب من ناي الرعاة
تشرب الكثبان والقطعان خمراً من لهاتي
***
ليتنى كنت عصا في
كفٍ أعمى لايراها
هي تهديه ولكن
من إلى النور هداها
ليتني كنت غراما
بين جنبي عاشقين
سمعا إنشاد نيراني، فظلا خاشعين
ليتني كنت رياحا
تهتف الآباء منها
أنا أهواها … ولكن
رغم أنفي لم أكنهاٍ.
الفستان الأحمر
إن تكن ناراً؛ فما أشهى خلودي في سعيرك
أو تكن وردا؛ فيالهفة روحي لعبيرك
طرفك الهفهاف بيدي لوعة خلف ستورك
ولّهتُ روحي فطرت ترتوي من فيض نورك
تتمنى لو تهادت موجة فوق غديرك
أو خيالاً من هواها سابحاً طي ضميرك
ليت يا "فستان" لما لحت تزهو في حريرك
كنت ذرا نابض الإحساس يجري في أثيرك
يلثم الحسن ويهوي فانياً بين عطورك