بادٍ مِنْ حالِكِ السَّقامُ. وجارٍ مِنْ دَمعِكِ السّجامُ. حُشاشَةُ جِسْمكِ النَّحيف،
غَطّتْ بَهاءَكِ المُنيف. صَكَّتْ كَلامَكِ الكُلومُ، يا مَنْ حارتْ فيِكِ الفُهومُ. أنّى لَكِ
التّشاكي، وقد غيَّرَ حالَه الزَّمانُ، وبدَّلَتْ لَبوسَها السِّنونُ، كشَّرَتْ عَنْ نابِها
الخُطوبُ، مُسْفِرَةً عن وجهِها العَبوس، فصِرْتِ بِلا أنيس، يَتيمَةَ الدِّيار، غَريبَةَ
المَسار، وأنْتِ، بِرَغْمِ المَعالي تَموتينَ اغْتِرابا، نقَلْتِ وحْيَ السّماء غضّاً إلى
الأنام، رَوَيْتِ بِخيرِكِ الهِضابا، أمطْتِ حِجابَ العُلوم، فَمَنْ للمعارِف، يُميطُ عنْها
الحِجابَ، ويفتَحُ للخيرِ درباً وبابا. ويبْقى عزائي فيكِ أنّكِ، ارْتَقَيْتِ في مَشارِفِ
العُلا وإن ضيمَ أهلُكِ، فَما لِشكْواكِ حَرّى يا هيكلَ الفضلِ والنّدى، فصبْراً فَلسْتِ
فريدَةَ المُبْتَلى، ومهْلاً فلسْتِ بِالخطْبِ أوحَدا، فالدّينُ قبلَكِ مَكْلومُ، ومَرْمىً
لِمَن بَغى واعْتَدى