الإجابة:
الزيادة في مثل هذا على نوعين:
أحدهما: زيادة لم يقصدها المتكلم، ولا تزيد المعنى المراد قوّة ولا توكيداً، ولا تكسبه معنى زائداً، فهذا لا وجود له في القرآن الكريم، ولا يقال عن الكلام الذي وردت فيه تلك الزيادة: كلام فصيح؛ لأن من شرط الكلام الفصيح أن يكون خالياً من ضعف التأليف.
النوع الثاني: زيادة تكسب المعنى قوة إلى قوته، وتؤكد تأسيسه، أو تلبسه معنى لا يكون حين يخلو الكلام منه، ومن تأمل ذلك في جميع ما ورد في القرآن وحقق ودقق في حقائق معاني الألفاظ والتراكيب، ونظر في أقوال علماء التأويل واللّغة، كشفت له تلك الألفاظ التي ادّعي أنها زائدة عن معان دقيقة، حقيقة بالاعتبار، وأنّ من أطلق عليها من العلماء زائدة أطلقها على سبيل التساهل، والبحث العلميّ لا يرى للتساهل في الأحكام اللّغوية – لا سيّما الكلّية منها – محلًّا من النظر والاعتبار.
وأكثر ما جاء في القرآن مما قيل عنه زائد ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ما يصح المعنى بدونه، ولكنه حين يقترن به اللّفظ المسمّى زائداً يئول فيه التركيب إلى معنى آخر يلتقي مع المعنى الأول الخالي من ذلك اللّفظ ومن أمثلته: قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ } [الأعراف:12] فإن أكثر المفسرين يجعلونه كقوله تعالى في الآية الأخرى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ص:75] ويقولون: (لا) زائدة.
ولكن المعنى الدقيق في آية الأعراف هو غير ما ذكره من قال بالزيادة، بل المعنى الدقيق هو : ما منعك فحملك على أن لا تسجد، أي: فحملك على عدم السجود، وحاصل هذا الأسلوب مفهوم لدى المخاطب من غير أن يتكلّف دعوى الزيادة، وهذا المعنى يلتقي مع معنى آية سورة ((ص)) الخالية من كلمة ((لا))، ولهذا أمثلة أخرى في القرآن الكريم.
القسم الثاني: ما كانت الزيادة فيه للتوكيد، كالآية التي وردت في السؤال: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا} [العنكبوت:33] والتوكيد معنى من المعاني، لا يسوغ أن يقال عنه: زائد؛ لأنه إذا حذف حُذِف معه معناه، والتوكيد لا يسمّى زائداً عند التحقيق، ومنه التوكيد المعروف في علم النحو، الذي هو نوع من التوابع، كقوله تعالى: { فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ} [ص] فإن المعنى يصحّ من غير التوكيد، بل يصح من دونهما، كما ورد في الآيات الأخرى، ومنها قوله تعالى: {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ } [البقرة:34]، ومع هذا لا يصحّ أن تقول عن ذلك التوكيد: إنه زائد.
وهناك أمثلة أخرى في القرآن ادّعيَ فيها الزيادة، وهي بريئة فيها من جميع الوجوه.
اللجنة المعنية بالفتوى:
أ.د. عبد العزيز بن علي الحربي
(رئيس المجمع)
أ.د. عبدالرحمن بودرع
(نائب رئيس المجمع)
أ.د. عباس السوسوة
(عضو المجمع)