سلسلة (عالم ورأي)
تهدف هذه السلسلة إلى استجلاء رأي عالم من علمائنا حول قضية من القضايا، أو عقبة من العقبات التي تواجه أبناء العربية، أو طرح رؤية لاستنهاض الهمم وتحفيز العزائم. فإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر.

الحلقة الثانية:
الدكتور حسن بشير- عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة المراسل من السودان- ورأيه في قضية تعريب العلوم، والعقبات التي تواجه ذلك، وارتباط التعريب بالقومية، والتجارب الناجحة في ذلك:
د. حسن بشير: ما من عمل كبير يغيّر المسار السائد إلا واعترضته العوائق، وهي كثيرة في مستهدفنا الخاص بالتعريب الشامل؛ منها الإرادة القوية المؤمنة بالقضية على مستوى النُّخَب، وصُنَاع القرار، والشعب العربي.
نريد من النُّخَب خدمة قضايا اللغة من حيث سيادتها في كل الأفق العربي القومي دون يأسٍ أو كلالٍ، ونريد من القادة العرب إصدار قرارات سيادية بالتعريب الشامل، وبالسياسة اللغوية القومية، وبتنظيم دور رسالي لغوي لسفاراتنا بخارج الوطن العربي. نريد في كل سفارة موسمًا ثقافيًّا عربيًّا، ومكتبة عربية ورقية، ومكتبة عربية إلكترونية، ومعهدًا لتعليم العربية لغير العرب، ومختبرًا للصوتيات العربية، ومركزًا لامتحان شهادة اللغة العربية الدَّوْلية.
نأمل من الشعب العربي في كل الوطن العربي أن يضع قضية التعريب في برنامجه الخاصّ بمطالبة الحُكّام وصُنّاع القرار به. نريد أن نرى قضية التعريب في برامج الأحزاب والمؤسسات المجتمعية المدنية بحيث تكون مطلبًا شعبيًّا قوميًّا؛ فمظهر القومية يتجلى في احتفال الأمة كلها بموضوع التعريب. وعلى سبيل المثال تجربة سوريا الرائدة انتقلت من التنظير إلى تأليف الكتب والمراجع، خاصة في ميدان العلوم التطبيقية. وكذلك تجربة مكتب تنسيق التعريب بالرباط الذي عقد اثني عشر مؤتمرًا، آخرها كان مؤتمر الخرطوم في نوفمبر الماضي، والذي أسعدتني الظروف أن أكون مقرِّره العام الماضي. وقد أنجز هذا المؤتمر إجازة ستة عشر معجمًا للمصطلحات. فإذا نُشرت هذه المصطلحات؛ سيكون المكتب صانع أكبر موكب للتأليف المعجمي وللتعريب. وهناك مجهودات أُخَر بمجمع اللغة العربية بالخرطوم، وبمجامع قطرية على امتداد الوطن العربي. كان آخرها إنشاء المحراب العالمي للغة العربية بتونس.
نقاش وحوار:
مصطفى يوسف